تحريات المباحث وحدها لا تصلح لأن تكون دليل لأي متهم أو حتى قرينة على ارتكابه الجريمة، وإنما تصلح أن تكون معززة لأدلة أخرى قبله …. وذلك لأنها لا تعدوا أن تكون رأياً لقائلها يحتمل الصدق والكذب ما لم يكشف عن مصادرها حتى يتسنى للمحكمة أن تبسط رقابتها على الدليل المستمد منها.
والمقرر في قضاء التمييز : أن تحريات ضابط المباحث بعد رفضه الإفصاح في تحقيق النيابة العامة عن مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن المتهم قارف الجريمة – لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها، تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان، والصدق والكذب، إلى أن يعرف مصدره ويتم التحقق منه.
(الطعن 813/2001 جزائي جلسة 27/5/2003 )
وكان من المقرر في الفقه الجزائي أن تحريات المباحث ليس لها قوة في الإثبات بمفردها، بل هي تكمل العناصر التدليلية الأخرى في القضية كالأدلة والقرائن، فالأصل ألا يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحدها دون وجود أدلة أخرى تدعمها، ولا يجوز اعتبار شهادة الضابط دليلاً آخر يضاف إلى الدليل الأول – وهو محضر التحريات – لإثبات الجريمة ضد المتهم، مادامت تلك الشهادة مجرد ترديد لما جاء في المحضر.
(الدكتور/ مبارك عبد العزيز النويبت، شرح المبادئ العامة في قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، الطبعة الأولى، 1998، صفحة 34 )
ومن المقبول عقلاً وقانوناً أن يكون المصدر السري خفياً على المتهم ومحاميه من منطلق الحفاظ عليه، ومن الممكن القبول على مضض أن يكون خفياً على النيابة، لكن أن يكون خفيا على السادة القضاة والدائرة التي ستحكم في القضية هو ما لا يمكن تصور قبوله.